الأشكال البنيوية في العمارة

تحديات الأشكال البنيوية

إعداد:

د.م/ يوسف عبد السلام

تحديات الأشكال البنيوية

نادرة هي المشاريع التي تجتمع فيها كافة أشكال الفنون ، وباستثناء فنون العهود الكلاسيكية وعصر النهضة ، فإن الأعمال الفنية الحديثة تقتصر على شكل أو شكلين من الفنون ، وهناك مثال تجتمع فيه كل من فنون العمارة والنحت والتصميم الداخلي وفنون الإضاءة والحركة والفن الإعلاني والفنون البصرية يتجسد في متحف غراتس للفنون Kunsthaus Graz في النمسا الذي شيد عام 2003.

من بين أعقد التكوينات التي يواجهها المصمم والتي تتمثل في صياغة أشكال للتصاميم غير المألوفة ، وخاصة في بيئة تختلف كلياً عن فكرة المشروع ، حيث يكون المطلب الأساسي إيجاد صدمة بصرية للمشاهد تثير مخيلته وأفكاره حول المستقبل وما يحمله من طموحات وتصورات وإمكانات.

المصممون : المعمل الفضائي بيتر كوك([1])- كولين فورنيير([2]) Spacelab cook-Fournier ( Peter Cook & Collin Fournier)

فكرة المشروع:

Graz_Kunsthaus_vom_Schlossberg_20061126.jpg

يبدو الشكل البيومورفي (الحيوي المتحول) biomorphic([3]) المستوحى من الأفكار المستقبلية للمشروع الذي صممته المجموعة المعمارية البريطانية آركيغرام Archigram. حيث يشبه شكل المتحف هيئة المدينة المتحركة Walking City التي صممها فريق أركيغرام بيتر كوك Peter Cook دنيس كرومتون Dennis Crompton وهيرون Herron في عام 1964 .









تصميم الشكل الخارجي لمتحف دار الفنون في مدينة غراتس النمساوية الذي يعبر عن الإتجاه المستقبلي لعصر الفضاء




walking_city_1.jpg


التصميم الأساسي لمشروع المدينة المتحركة الذي ابتكرته مجموعة أركيغرام عام 1964



02_ueber.jpg

وفي هذا المشروع يحوم منطاد تسِبلين Zeppelin المسمى " روبرت" Rubert فوق المدينة لتبدو من خلاله فكرة ثقافة الحياة المدنية . وفي مدينة غراتس يحُط المنطاد روبرت هابطاً ليرسو في المنطقة الواقعة بين برج الساعة القديم وضفتي نهر المور Mur . ويجيء افتتاح متحف الفن في المدينة الصغيرة توطئة لدورها كعاصمة ثقافية لأوربا لعام 2003م.



علاقة التكوين التشكيلي بين متحف غراتس للفنون والمحيط البيئي للمدينة


كانت نظرة كل من كوك و فورنيير الخيالية تتمركز في محيط الأبنية المشيدة على طراز الباروك baroque لمدينة غراتس ذات الألوان الفاتحة والتي يعود تاريخها إلى القرن 18م ، ويتكامل التصميم مع تشكيلات الحديد الزهر cast iron لواجهة البيت الحديدي Eisernes Haus الذي بني عام 1852م ، وتحويل فكرة المشروع إلى متحف والتفاعل مع المحيط البيئي، وتدعيم الربط بين الحالتين يبدو جلياً، ويتميز بمقدرة ذهنية على تنشيط الوضع الثقافي في المنطقة الحضرية .

و يتمثل المظهر السائد في المنشأ اللدن في الإكساء الخارجي على شكل غشاء أو قشرة خارجية membrane مكونة من مادة البليكسيغلاس الزرقاء blue Plexiglas والذي يعد اختباراً لذروة المثالية للإبداع التقني ، ومثبت فوق غلاف البناء الصامد للماء والمكون من 930 مصباح فلوريسنت دائري من شبكة من ألواح الأكريليك المشكلة بالثني curved acrylic panels ، وكل مصباح يمكن إضاءته أو إطفائه أو إعتامه على حدة ، وبهذا يماثل وحدات البيكسل الحاسوبية computerized pixel . وقد تم تطويره بواسطة شركة أعمال برلين الواقعية Berlin firm Realities.

_paul-ott_bb09.jpg

تنفيذ وحدات الإضاءة الإعلانية من مصابيح الفلوريسنت الدائرية وغلاف من البليكسيغلاس







GrazBIXanimations.jpg


الإضاءة الإعلانية لمبنى BIX خارج الغلاف الذي يكسو قاعة متحف الفنون في غراتس



وهذا النظام اللا محدود يسمى BIX وهو قصير بالبيكسل الكبير،ويتميز بالقدرة على بث نص بسيط أو رسوم غرافيكية وأفلام متحركة animations عبر شاشة متموجة وغير منتظمة amoeboid screen حتى يتفاعل غلاف المنشأ كشاشة عرض في إيصال مفهوم ومغزى رسالة المتحف الجمالية الموجهة إلى العالم الخارجي للمدينة.

والمتحف مغطى بالألواح الزجاجية عند مستوى الطابق الأرضي، ويعرض البناء بموضوعية شفافية بين أنشطة الطرقات ومقهى المتحف والردهة.







Grazlighting.jpg


وحدات الإضاءة الإعلانية التي يتم التحكم بها بواسطة حاسوب مركزي والتي يغلفها غطاء من بلاستيك البليكسيغلاس



وبدءاً من ذلك المستوى ينتقل المصعد بالزائرين إلى أعلى عبر جوف المنطاد الأملس وإلى داخل القاعة المسماة فضاء 02 ومن هنا يوجد مصعد آخر متمم مرحلي يصعد بوضعية مائلة عبر حجرة حتى يبلغ الفضاء 01 وهي قاعة العرض الرئيسية ويوجد سلم عادي يؤدي إلى فراغ قاعة إضافية تسمى " الإبرة" needle حيث تتميز بشكلها المستطيل والمستدير عند الأطراف وتستند كابولياً من جوانب الفقاعة blob : حيث يوجد جدار زجاجي يُضفي منظراً بانورامياً بإطلالته على المدينة القديمة. وتقع قاعة فضاء 01 أسفل الانحناء الكامل من السقف المنتفخ وهو مخصص للمعارض والتجهيزات المؤقتة . وقد تُركت القاعة مفتوحة وفي الفوهات الخارجية nozzles الستة عشر التي تماثل المجسات tentacles التي تبرز من سقف المنشأ وهي التي لقبها كوك " الغرباء الأصدقاء" Friendly Allien وهي المداخن وعبر تلك الأعين الخيالية العلمية sci-fi- oculi للأقماع الشمالية النهارية إلى داخل صالة العرض.

والمداخن مجهزة بشفرات فتحات louvers للتحكم بكمية الضوء وجدرانها الجانبية مجهزة بحلقات من مصابيح للتحكم بكمية الضوء وجدرانها الجانبية مجهزة بحلقات من مصابيح الفلوريسنت ( النيون) fluorescent tubing وبعض من تلك المداخن موجه لتحديد وتأطير المشاهد الخارجية كما هو الحال بالنسبة للضوء كما أن ثراء تصميم برج الساعة يندرج ضمن السياق الطليعي avante- garde الذي يربط بين مشهدين مختلفين عبر المنطقتين.


Grazroofskyline.jpg

وشكل المتحف يعد غير عادي ويختلف جذرياِ عن باقي الصيغ الدارجة والمألوفة عن المعارض، فلقد حافظ العديد منها على الاصطلاحات الحداثية conventions modernistic والتي تتمثل في مفهوم المكعب الأبيض white cube . وهناك فريق من المصممين استخدم مصطلحاً أسلوبياً يسمى ( عمارة الفقاعة ) blob architecture ، ومن خلال الوسط البيئي التاريخي لنهر المور المواجه للمدينة Murvorstadt ، فإن المنشأ الضخم الذي ابتكره كل من بيتر كوك و كولين فورنيير في الشكل والمادة ، ينتصب بإدراك ووعي بمواجهة المحيط البيئي المتأنق لسطوح أبنية غراتس الباروكية baroque المسقوفة بالقرميد الأحمر ، ومع ذلك تتكامل مع واجهة البيت الحديدي المشيد عام 1847م .



متحف الفنون في إطار المنظر العام لأفق مدينة غراتس


فالتقاء كل من مفاهيم العمارة ، والتصميم ، والوسائط الإعلانية الحديثة Media ، وفن الإنترنت ، والسينما ، والتصوير الضوئي ، حيث تجليات الفنون في كافة مظاهرها تتوحد تحت سقف واحد.وقد تم تطوير المعرض كمؤسسة لتقديم المعارض الدولية المتعددة المشارب المعرفية والثقافية وفنون حداثية معاصرة منذ عقد الستينيات من القرن الماضي حتى يومنا هذا . فهو لا يجمع ويحتفظ بالمعارض المستديمة، لأنه لا يوجد مستودع دائم عند تصريف الأعمال أو كمؤسسة بحثية.




ويقتصر هدف المعرض على تقديم منتجات الأعمال الفنية. ويتضمن متحف الفن في غراتس مفهوماً إبتكارياً ، يعمل على عرض مختلف الإمكانات داخل أروقة قاعاته ليستجيب لمتطلبات الرعاية الخاصة بالمعارض المعاصرة.

وتمثل واجهة مبنى BIX للمعرض مزيجاً فريداً بين العمارة والإعلانات الجديدة ويرتكز على مفهوم واقعيات المعماريين البرلينيين المتحدين Berliner architects realities أو united BIX وهي تسمية تتكون من كلمتين وهما كبير big ونقاط ضوئية pixels وهي التغليف المنفذ من زجاج الأكريليك acrylic glass للجانب الشرقي من البناء المواجه لنهر المور Mur ومركز مدينة غراتس ويمثل شاشة حضرية فائقة الحجم بحيث تخدم كأداة للإنتاج الفني.

وتواكب مشاريع BIX مختلف المعارض ولا يتم استيرادها أو نقلها إلى المنطقة العامة، وأيضاً البيئة المباشرة يتم تحديدها وتشكيلها ، وخلف كل ذلك الغلاف الخارجي الخاص بالاتصال الذي يعرض أيضاً منصة مثقوبة drilling platform للمشاريع الفنية ـ والتي تطرح تساؤلات حول ماهية العلاقات بين وسائل الاتصال media والموقع .


المزايا التقنية :

تتوزع حلقات من مصابيح الفلوريسنت يبلغ عددها 930 مصباحاً باستطاعة كل منها 40 وات في مسطح تبلغ مساحته 900 م2 من الغلاف الخارجي مع مستويات إضاءة لكل منها تتدرج من مستوى الصفر أو الإعتام وصولاً إلى السطوع الكامل 100% ، وكل حلقة ضوئية تعمل بمثابة نقطة ضوئية " بيكسل" pixel ، يتم التحكم بها بواسطة حاسوب مركزي وبهذه الطريقة يمكن تطويرها كدلالات بصرية لشاشة عملاقة mega screen ، ونصوص كتابية ، وتتابع صور أفلام ، بحيث تشع بعيداً إلى داخل المنطقة الحضرية وبالتالي فإن الفقاعة الزرقاء لمدينة غراتس مع شاشة من الحجم الهائل تشكل قاعة فنية.


إدارة المتحف:

صمم بيت الفن في غراتس كمركز فني لتنظيم المعارض الفنية متعددة المعارف multi-disciplinary من الفن الحديث والمعاصر. فهو لا يقوم بجمع الأعمال، أو يقيم معارض دائمة، وليس لديه مستودعات أو أقسام بحثية. وبطريقة مبسطة فهو يخدم حصرياً في إنجاز عروض الأعمال الفنية والارتقاء بالإنتاج الفني المعاصر.

ويتم تسيير دار الفنون في غراتس كوحدة مستقلة تديرها الإدارة الإقليمية " لاندز ميوزيوم يوآنيوم"([4]) Landesmuseum Joanneum وفي إطار متحف يخضع لرعاية ولاية شتاير. وبالإضافة إلى كل ذلك على صلة وثيقة بالقاعات الفنية الجديدة Neue Galerie والتي أعدت لتقديم وتجميع أعمال الفن الحديث والمعاصر عبر العقود الأخيرة.

الإسهامات الفنية:

ويوجد لاعبون آخرون يعدون جزءاً هاماً من دار الفنون كرسوا جهودهم للممارسات النظرية والفنية للتصوير الضوئي في خضم الفن المعاصر، والوسائط الجديدة والتطويرات الاجتماعية . فالمؤسسة " كاميرا أوستريا" Camera Austria والتي ينقسم دورها إلى شقين كوكيل معارض مستقل ، والمرتبط معمارياً بمتحف الفنون في غراتس ويساعده على المستوى الدولي على التعرف وتجريب دعم برنامج المتحف في غراتس.

ويتسم تشغيل معمل الوسائط الفنية Medien Kunstlabor بواسطة إدارة المقاطعة ويكون متاحاً لكل مشروع جديد كل عام آخر. وأول اضطلاع للمشروع المحكم الذي يترأسه فرانتس كزافر Franz Xaver والذي يضفي شبكة أنشطة محلية وعالمية مع تطابق بين الفراغ الواقعي والافتراضي في المختبر المفتوح.

ومن بين الفعاليات التي يخطط لها مستقبلاً الهدف المأمول وهو إبداع تجمع فني متجدد فنياً up-to-date art cluster مع فعاليات داعمة synergistic. بالإضافة إلى مكتب مركزي يتعامل مع الأوضاع والمسائل التنظيمية لإدارة المتحف الإقليمي ككل . ومن الداعمين المهمين الرئيسيين للثقافة المعاصرة مثل اتحاد فناني غراتس Grazer Kunstverein ، بيت العمارة Haus der Architektur ، والصورة الفنية Artimage سيتم إدخالها في نطاق توسع مجمع دار الفنون.

التصميم والإكساء renderings :

يمثل شكل المتحف الفريد آلة مشيدة بأسلوب الهاي تك high- tech بما يحتوي من بيئة مرنة لمستخدميه . فمظهره يمكن تذكره بقوة ويحتفظ دوماً بعنصر المفاجأة ، فالمظهر الخارجي لغلافه يستطيع من خلال حدود ، التغير كهربياً وفراغاته الداخلية تكون صندوقاً أسوداً خصص لحيل خفية.

ومن خصائص البناء الهيكلي، أن يتم ولوج الجمهور إلى داخل التجويف الداخلي لبيت الفنون من خلال الحركة البطيئة للمصعد صاعداً لأعلى حتى جوف المتحف، وسيكون المشاهدون متأثرين بمختلف الخبرات الفراغية والشعورية sensorial إلى بناء مختلف.

فالاشتقاق التاريخي genealogy للمشروع هو شكل حيوي متحول " بيومورفي" biomorphic form ويقع على عاتق مصمميه اهتمام دائم وولع بالحضور الحيواني للعمارة وفي التاريخ المتنوع للتنافس على تصميم بيت الفن، والذي كان يقصد منه أصلاً أن يكون على شكل جبل أو هضبة تتضمن كهفاً كبيراً تشرف من خلالها القلعة schloss على مركز المدينة. وتم اتخاذ جزئية بواسطة المصممين في الوقت الذي كان يجب وضع الكهف الصخري ضمن غلاف يحتوي المجمع الفني والحواف الداخلية الخشنة على أن يتاح لتلك القشرة أن تبرز ناتئة من الجبال المحيطة بالمدينة متجهة إلى داخل المدينة مثل ذيل أو لسان التنين.

لكن فيما بعد تغير موقع المتحف إلى موقعه الحالي على ضفة المور. وقد وجد شكل جلد التنين طريقه عبر النهر وينساب إلى حدود هندسية غير منتظمة للموقع الجديد وتلتوي حول منصتين مرتفعتين من المتحف. مشكلة نطاق بيئي environmental enclosure بحيث لا يشبه سطح آو جدران ولكنه مزيج من الثلاث معاً.

وتنتج انسيابية سطح البناء من سطحين مزدوجين منحنيين حيث الإيحاء الدال على الرقة ، مع الاندماج الخاص مع طبيعة أشكال المداخن وأنوفها المتعددة وعيونه قد أفضت إلى ظهور التسمية الجديدة الغريب الصديق وهواللقب الذي اشتهر به بناء المتحف. وفعلياً فإن البناء يصبو من خلال المظهر والهيئة modus operandiلكي يكون مؤسسة صديقة يمكن بلوغه بسهولة إلى الجمهور واتخاذه بواسطة مواطني غراتس كغريب ولكنه جزء مألوف للحياة العادية للمدينة.







02_GernotStangl_birds.jpg


مجسم حاسوبي يوضح شكل الفقاعة التي تغلف متحف غراتس للفنون



وفي ضوء التصميم الحضري urban design فالبناء يقصد منه أن يكون ذو تأثير في إبراز النصف الغربي للمدينة والذي كان حتى الآن متميزاً نسبياً مقارنة بالجانب الشرقي والذي يتضمن أبنية عامة وجامعات ومتاحف.

فالمؤسسات الثقافية تعد جزئياً بمثابة متاحف للفن الحديث، وتلقى استحسان وقبول من العامة، مثل مركز بومبيدو Pompidou Centre في باريس ، أو متحف غوغنهايم Guggenheim في بلباو Bilbao في أسبانيا أو متحف تيت Tate museum في لندن وأيضاً يقع في الجانب الخطأ من النهر.

ويؤدي المتحف دوراً كعامل محفز للتغيير، ويمكن ملاحظة أعراض هذا التحول المديني ، فالمعرض في قاعة آيدز Aedes gallery والنشرة الفنية المطبوعة تُُستخدم للتعرف على إمكانيات دار الفنون. فالتشريح المركب لقشرة البناء له طبقات مثل قشرة البصلة، بينما يترك انطباعاً بجو مميز يتسم بالتلقائية والعفوية والغموض. ويستنتج ذلك من النص المطبوع من الكتالوغ المنشور بواسطة قاعة إيدز في برلين للمعرض المسمى منحنيات و مسامير .


التصميم الداخلي:

يطفو بيت الفن الأزرق فوق أرضية زجاجية مثل فقاعة هوائية bubble . فأشكاله الملساء تندمج بصورة أصيلة مع الأبنية الأقدم عهداً على الأراضي المتاخمة. فالفوهات وفتحات المنور الناتئة المنحدرة باتجاه الشمال لغرض الإضاءة المثالية والمنفذة من غلاف البليكسيغلاس .

وفي الطوابق العليا بارتفاع 23 متر يوجد منشأ جديد متصل بجسور تؤدي إلى ما يسمى بالبيت الحديدي ، حيث أن الإنشاء من الحديد الزهر موضوع تحت حماية أثرية ، وأقدمها في مركز أوربا تم تجديده بعناية ومهارة . وفي دورة إنشاء وتشييد البيت الفني.

فأرضية الطابق الأرضي المزججة تعد مكاناً للالتقاء بالنسبة للفنانين ومحبي الفنون. فله مدخلين رئيسيين ، فبمواجهة ساحة لندكاي ديترولربلاتز Lendkai Dtirolrplatz وهذه الأرضية متغيرة ومتنوعة، والأخرى على شكل فراغ S مع تسهيلات ومعلومات واتصالات والاستمتاع : مثل مختبر الوسائط الفنية Medienkunstlabor كالقراءة وحجرة الجلوس الإعلامية Media lounge ومكتبة فنية / متحف ومقهى يعمل 24 ساعة ، وفراغ متسع متعدد الأغراض يقع في مؤخرة امتداده كبناء ضخم يمكن ربطه بالمقهى العام.


وبالانتقال عبر المسار الصاعد بطول 30 متر والمعروف باسم القلم الحبر، يستطيع الزوار اختراق غلاف الفقاعة الغامضة الوامضة، عبر منطقة مخصصة للأطفال والشباب وهو الفضاء 03، والأرضية في مستوى منطقة العرض الأولى " الفراغ 02 ".






Grazneedle.jpg



التصميم الداخلي داخل قاعة الإبرة الملحقة بالمبنى الأساسي لمتحف غراتس



أما المصعد الثاني فيأخذ الزائرين إلى منصة العرض الأولى " الفضاء 01"، مع صدفته" محارته" shell المؤثرة الإنشاء، وهي بعلو 8 متر عند أعلى نقطة لها. فمنطقة العرض مجهزة بمصادر قابلة للضبط والتوجيه مخصصة للإضاءة النهارية والصناعية ، فأقماع cones المداخن nozzles تضفي على الفراغ الداخلي للبناء وغلافه بنيته المميزة ، وواحد منهم يؤطر الجبل الجليدي berg مع برج الساعة clock tower والقلعة schloss المؤثرة والمنظر العام لأسطح المباني roofscape للمدينة القديمة عبر النهر. وفي نهاية تلك الجولة السياحية tour ، يترك الزائرون الفقاعة ويدخلون منشأ زجاجياً كابولياً remarkable cantilevered والذي يسمى الإبرة needle وهو مشهد لا يمكن نسيانه لغراتس . حيث المقاعد المريحة والمجلات والكتب، وبار المشروبات يخلق جواً للاسترخاء والتفاعل للقراءة والمطالعة العامة والضمان ولرعايا الفعاليات والمناسبات الخاصة الصغيرة.

فلسفة التصميم:

عند دراسة الصَدَفة الخارجية shell لمتحف الفنون ، نجد أن بعض الآراء حول هندسية تصميم الصدفة أو الشكل الحر free form أو الشكل العضوي organic form وهي اصطلاحات يمت توصيفها لأنواع محددة من الأشكال التي تتبع نفس المفهوم، لكن في الواقع فإن الطريقة التي يتم بها تنظيم الأشكال وما هي الفلسفة التي تكمن خلف تصميمها يمكن أن تتباين وجهات النظر حولها. وقد لا يكون الشكل مكتملاً ( وكمدخل للتصميم فإنه بالنظرة إلى تلك الأشكال تبدو لنا 3 أنماط مختلفة كالتالي:

1- الإنشاءات العضوية وهي بالمعنى الحقيقي تمثل دائماً القوى التي ترتكز عليها وهي تظهر للمصمم دون أن تعالج تصميماً ، وهذا هو المبدأ الذي يتم تطبيقه على أي شيء يعد جزءاً من الطبيعة الحية، وتبدأ عملية التصميم هنا عندما تبدأ الموائع ( السوائل) في تكوين طبقات رقيقة films وفقاً للمبدأ الفيزيائي للتوتر السطحي surface tension ، وبعدئذ تتصلب إلى درجة معينة ، وهذه هي الطريقة التي تتكون بها بنية الخلايا الحية ، أو صدفات الحيوانات القشرية crustaceans shells أو العظام. وهي تحديداً تتبع نفس القانون الذي بموجبه يتم تنظيم العناصر من خلال البناء بطريقة تتعادل فيها الضغوط في أي نقطة من البناء.

وهذه البنية framework الجاسئة لا تتيح للمصمم استغلال التغييرات الطارئة للشكل، وبهذا المعنى فالإنشاء الناتج لا يمكن وصفه بالشكل الحر على أي حال. وفي العمارة فإن الإنشاءات القشرية membrane structure والإنشاءات المنضغطة pressurized structures تعد تلك الهيئات أكثر الأمثلة النموذجية لوجهة النظر التي تم ذكرها في الكتاب الصادر لدى معهد الإنشاءات الخفيفة الوزن في شتوتغارت في ألمانيا .

وبخلاف مفهوم المصمم بكمينستر فولر Buckminster Fuller عن تصميم القبة الجيوديزية geodesic dome والمتموضعة في بيئة مثالية دون وجود توجه معين للثقالة (الجاذبية) ( ويعود ذلك غالباً لكون القبة ذاتها تمثل مركز ثقل أو جاذبية ، ولكننا نأخذ الأصول من حزم خيوط فلسفية تتضمن رسم الخرائط cartography والملاحة navigation ، وعلم الذرات atomism والاقتصاد.

2- وهنالك حرية جديدة تتأتى من قدرة الحاسوب على التعامل مع المنحنيات الرياضياتية mathematical curves بوضع أفضل. وهذا الاختيار لم يكن متاحاً للمصممين منذ البدء حيث المظهر النقطي الضوئي pixilated للأحرف الطباعية typefaces النمطية قبل مجيء الحواشي postscript بحلول نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي.

3- وهنالك أسلوب أسبق ، فمن بين أولى الشركات التي تبنت التصميم بواسطة الحاسوب هي الشركات المؤتمتة ، فالعناصر داخل الآلات الثقيلة غالباً ما تكون ذات خطوط مستقيمة أو دائرية ، ولكن السيارات هناك تعد من جميع أنواع المنحنيات .. لذا فإن بيير بيزير Pierre Bezier قد عمل على حل تلك المعضلة في عقد الستينيات على سيارة رينو فقد كان رئيس قسم المعدات لدى الشركة ، وكان رائداً في تقنيات التصميم والتصنيع بواسطة الحاسوب cad\ cam techniques على السطوح المنحنية . ومنذ ذاك الحين إلى يومنا هذا يوجد العديد من البرامج التي يمكن التعامل بها على السطوح المنحنية، أصبحت مألوفة الاستخدام. وفي مجال العمارة فإن هذه الحرية الجديدة أطلقت إمكانات وفيرة في مرحلة ما بعد المناهجية post rationalization والتي تدين بالفضل لتبنّي الأمثلة paradigms السائدة والمأخوذة من نُظُم أخرى فكرية ثقافية بدءاً من الموجات المفردة soliton waves وصولاً إلى نظرية ما قبل نشوء الكون chaos.






1_einblick_foyer.jpg



قاعة الدخول أو الردهة الرئيسية للمتحف



المصادر:

1- Zeiger Mimi; New Museum Architecture, innovative buildings from around the world, Thames & Hudson, China, 2005.pp 66: 71.

2- Cook, Peter & Fournier, Colin. A Friendly Alien: Ein Kunsthaus fur Graz. Hatje Cantz Publishers. September 30, 2004. ISBN 3-7757-1350-6

3- Kolarevic Branko & Malkawi Ali; Performative architecture: beyond instrumentality, 2005, p 159

4- Jodidio Philip; Architecture now, 2004.

5- Szalapaj Peter; Contemporary architecture and the digital design process, 2005 ,p 91

6- Richards Brent , Gilbert Dennis ; New glass architecture – 2006 , Page 218

إنترنت:

http://www.archiguards.at/img/projects/public/kunsthaus_graz/plan_big.jpg

http://www.arcspace.com/architects/cook/9.Graz.jpg

http://www.mondiale.co.uk/mondoarc/arcpics/graz2.GIF

http://www.ps-wein.de/weinreisen/kapfenstein/graz/museen/grafiken/kunsthaus3.jpg

http://farm2.static.flickr.com/1439/565291386_23b834777b_o.jpg

http://gernot.xarch.at/kunsthaus_graz/

http://media-2.web.britannica.com/eb-media/30/80130-004-22FE2B77.jpg

http://www.cusoon.at/photos/1183987469/kunsthaus-graz-graz-steiermark2.jpg

http://www.cusoon.at/photos/1183987066/kunsthaus-graz-graz-steiermark.jpg

http://www.petercookarchitect.com/

http://www.museum-joanneum.at/



(1)- معمار وكاتب بريطاني وأحد المؤسسين لمجموعة أركيغرام في عقد الستينيات من القرن الماضي وأستاذ العمارة في كلية بارتلت للعمارةالتابعة للكلية الجامعية في لندن.

([2]) -معمار مشارك للأستاذ بيتر كوك في تصميم متحف الفن في غراتس ، وأستاذ العمارة في كلية بارتلت للعمارة التابعة للكلية الجامعية في لندن.

([3] )- الشكل الحيمتحور biomorphic form هو شكل مستنبط من تكوينات الكائنات الحية الدقيقة والمجهرية الحيوانية والنباتية كالفيروسات والبكتريا والأشكال الهيكلية البنائية والألياف يعتمده المصممون في تصميم بنية هيكلية للمنشآت المعمارية والمنتجات الصناعية بهدف جعلها أقرب ما تكون إلى الشكل الطبيعي ومن أشهر هؤلاء المصممين أنطونيو غاودي.

([4]) - نسبة للأرشيدوق يوهان النمساوي Erzherzog Johann von Österreich حاكم ولاية شتاير Steiermark الذي قام عام 1811 م بتشييد متحف إقليمي للنمسا وكان مولعاً بجمع كل ما هو نفيس وعلمي من الطبيعيات والتقنيات الصناعية والفنون الشعبية والتراثية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طراز عمارة هليوبوليس ( مصر الجديدة)

Googie architecture